ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترة طويلة يمكن أن يسبب مشاكل كثيرة تضر بصحة الإنسان، ومن هذه المشاكل مشكلة العجز الجنسي أو ضعف الانتصاب، وهو أحد مضاعفات مرض السكري (Diabetes mellitus). والإصابة بمرض السكري لا تعني بالضرورة أنك ستصاب بالعجز الجنسي، ولكن الأشخاص المصابين بداء السكري هم أكثر عرضة لخطر الإصابة، الرجال المصابون بالسكري هم أكثر عرضة بنسبة 3 مرات لمشاكل في الانتصاب.
تمتد المشاكل الجنسية المتعلقة بمرض السكري إلى ما هو أبعد من الضعف الجنسي لتشمل الرغبة الجنسية وضعف القذف لدى الرجال ومجموعة متنوعة من المخاوف الجنسية لدى النساء.
ولكن بالإضافة إلى علاج الضعف الجنسي، فإن التحكم في مرض السكري قد يحسن بشكل ملحوظ نوعية الحياة الجنسية.
مفهوم العلاقة بين مرض السكري والضعف الجنسي
قد يؤدي داء السكري إلى تعطيل الوظيفة الجنسية الطبيعية لدى كل من الرجال والنساء عن طريق تأثيره الضار على:
- الأوعية الدموية التي تغذي الأعضاء التناسلية.
- الأعصاب.
- مستوى الهرمونات الجنسية.
فتلف الأوعية الدموية يمكن أن يؤدي إلى تقييد كمية الدم المتدفقة إلى الأعضاء الجنسية، وبالتالي قد تفقد القدرة على الانتصاب والحفاظ عليه.
كما يؤثر مرض السكري على الأعصاب الإرادية واللاإرادية الضرورية للانتصاب، ويؤدي ذلك إلى فقد الإحساس بالإثارة الجنسية ومشاكل في القذف. حيث يعتمد القذف الناجح على تنسيق ثلاثة أحداث عصبية: الانبعاث المنوي، وإغلاق عنق المثانة، وتقلص عضلات قاع الحوض. وفي مرض السكري، قد تؤدي اضطرابات الأعصاب التي تتحكم في إغلاق الاتصال بين المثانة والإحليل إلى تعطيل القذف الطبيعي وتسرب بعض أو كل السائل المنوي إلى داخل المثانة.
وتشير الدراسات أيضا إلى أن الرجال المصابين بداء السكري قد يكونون أيضًا أكثر عرضة لخطر انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون في الدم، قد يكون ذلك تابعًا لانخفاض مستويات هرمونات الغدة النخامية المسؤولة عن تحفيز إنتاج الخصية لهرمون التستوستيرون. يؤدي انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون إلى انخفاض الرغبة الجنسية، وبشكل مباشر أو غير مباشر، إلى الضعف الجنسي.
لذا يجب فحص الرجال المصابين بداء السكري باستمرار لمعرفة نسبة هرمون التستوستيرون في الدم. ويكون ذلك في ساعات الصباح (بين الساعة 8 و11 صباحًا) عندما يكون هرمون التستوستيرون في الدم في أعلى مستوياته.
طرق تشخيص الضعف الجنسي
يتم تشخيص الضعف الجنسي أو ضعف الانتصاب عادة من خلال مجموعة من التقييمات المهمة. فيما يلي أهم الطرق المستخدمة لعملية تشخيص الضعف الجنسي:
- تقييم التاريخ الطبي: سيسألك الطبيب عن الأعراض والمدة والأسباب المحتملة أو عوامل الخطر. وقد يستفسرون عن أي حالات طبية سابقة أو حالية، والأدوية التي يتم تناولها، وأي عوامل نفسية أو عاطفية. من الضروري الكشف عن العادات الشخصية مثل التدخين أو ممارسة التمارين الرياضية.
- الفحص السريري: سيقوم الطبيب بإجراء فحص سريري لتقييم الصحة العامة، بما في ذلك فحص القضيب والخصيتين. قد يتضمن ذلك فحص ضغط الدم، والاستماع إلى القلب والرئتين، وفحص مناطق أخرى من الجسم قد تكون مرتبطة بالضعف الجنسي.
- الاختبارات المعملية: يمكن إجراء اختبارات الدم لتقييم مستويات الهرمونات، بما في ذلك هرمون التستوستيرون. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تقييم مستويات السكر في الدم، والدهون، وعوامل أخرى تتعلق بالصحة العامة.
- التقييم النفسي: في بعض الحالات، قد يوصي بإجراء تقييم نفسي لاكتشاف الأسباب النفسية المحتملة للضعف الجنسي، مثل التوتر والقلق والاكتئاب.
- اختبارات إضافية: اعتمادًا على الحالة الفردية، يمكن إجراء المزيد من الاختبارات المتخصصة يحددها الطبيب حسب تقييمه للحالة.
متى يزيد مرض السكري من خطر الإصابة بالضعف الجنسي؟
يزيد مرض السكري من خطر الإصابة بالضعف الجنسي عندما لا يتم التحكم به بشكل جيد أو يترك دون علاج. يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مستمر لدى مرضى السكري إلى إتلاف الأوعية الدموية والأعصاب التي تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الانتصاب والحفاظ عليه. وتزداد احتمالية الإصابة بالضعف الجنسي مع تقدم العمر ومدة الإصابة بالسكري. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن إدارة مرض السكري بشكل جيد يمكن أن تقلل من خطر الضعف الجنسي أو تأخر ظهوره.
مرض السكري والضعف الجنسي عند النساء
يمكن أن يؤثر مرض السكري بشكل كبير على الوظيفة الجنسية لدى النساء. فيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن يؤثر بها مرض السكري على النشاط الجنسي لدى المرأة:
- انخفاض الرغبة الجنسية، ويحدث ذلك بسبب اضطراب مستوى الهرمونات الجنسية في الدم.
- جفاف المهبل، يؤدي ذلك إلى عدم الراحة أو الإحساس بالألم أثناء الجماع. يمكن حل هذه المشكلة عن طريق استخدام كريمات أو مواد الترطيب الموضعية التي تحتوي على هرمون الاستروجين، والتي تساعد في تخفيف جفاف المهبل وتحسين الراحة الجنسية.
- اضطراب الإثارة الجنسية الأنثوية، والذي يشمل صعوبة الحفاظ على استجابات الإثارة العقلية والإثارة التناسلية.
- اضطراب النشوة الجنسية (صعوبة الوصول للنشوة الجنسية أو تغير شدتها)، ويحدث ذلك بسبب تأثير مرض السكري على تدفق الدم وحساسية الأعصاب.
علاج الضعف الجنسي الناتج عن الإصابة بمرض السكري
عادةً ما يتضمن علاج ضعف الانتصاب الناتج عن مرض السكري مزيجًا من تغيير نمط الحياة والأدوية والاستشارة النفسية.
التحكم الجيد في نسبة السكر في الدم: يمكن أن يساعد الحفاظ على مستويات متوازنة من السكر في الدم على تقليل خطر حدوث مضاعفات تؤثر على الوظيفة الجنسية.
تغيير نمط الحياة: يشمل ذلك الحفاظ على وزن صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والإقلاع عن التدخين، والنوم الكافي، وتجنب التوتر. ويمكن أن تؤثر هذه التغييرات بشكل إيجابي على مستويات السكر في الدم، وتحسين أعراض ضعف الانتصاب، وصحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام.
الأدوية: تتوفر العديد من الأدوية لعلاج ضعف الانتصاب الناتج عن مرض السكري. الأدوية الأكثر شيوعًا هي مثبطات إنزيم فسفودايستراز من النوع 5 (مثبطات PDE5) مثل:
- السيلدينافيل (الفياجرا)، يتم تناولها قبل الجماع بساعة ويبدأ تأثيرها خلال 30 إلى 120 دقيقة من تناولها، ويمكن أن يستمر مفعولها لمدة تصل إلى خمس ساعات.
- تادالافيل (سياليس)، يبدأ مفعوله عادةً خلال نصف ساعة ويستمر لمدة طويلة قد تصل إلى 36 ساعة. يستخدم أيضًا في علاج تضخم البروستاتا الحميد وارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي.
- أفانافيل (ستيندرا)، يتميز الأفانافيل أن مفعوله سريع جدًا مقارنة بمثبطات PDE5 الأخرى. يتم امتصاصه بسرعة، حيث يصل إلى الحد الأقصى لتركيزه في الدم خلال حوالي ثلاثين إلى خمس وأربعين دقيقة.
- فاردينافيل (ليفيترا)، يعمل هذا الدواء بشكل أفضل عند تناوله قبل الجماع بساعة على معدة فارغة. كما هو الحال مع السيلدينافيل، فإن الوجبة الغنية بالدهون أو الكحول تمنع الجسم من امتصاصه بسرعة.
يتم تناول هذه الأدوية عن طريق الفم قبل النشاط الجنسي، وتعمل هذه الأدوية عن طريق زيادة تدفق الدم إلى القضيب، مما يؤدي إلى تحسين وظيفة الانتصاب. من الضروري مراجعة طبيبك الخاص قبل تناول أي دواء.
الاستشارة النفسية: يمكن أن يسبب ضعف الانتصاب اضطرابًا عاطفيًا وقلقًا، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة. يمكن أن تكون الاستشارة أو العلاج مفيدة في معالجة العوامل النفسية الأساسية التي قد تساهم في ضعف الانتصاب.
تركيب دعامة للانتصاب: تركيب دعامات القضيب هو إجراء جراحي يتم من خلاله تركيب دعامات للعضو الذكري لتعزيز الانتصاب وعلاج الضعف الجنسي.
من المهم ملاحظة أن خطة العلاج الأكثر فعالية قد تختلف تبعا للظروف الفردية. ويعد التشاور مع طبيب استشاري المسالك وأمراض الذكورة أمرًا بالغ الأهمية لتحديد الخيارات الأكثر ملاءمة لكل فرد.
الدعامة الذكرية كأفضل علاج للضعف الجنسي
تعد الدعامة الذكرية خيارًا ممتازًا للرجال المصابين بمرض السكري والذين يعانون من الضعف الجنسي. جراحة تركيب دعامات للعضو الذكري تعطي حلًا طويل المدى لمشكلة ضعف الانتصاب؛ لذا فهي أفضل علاج للتخلص نهائيًا من مشكلة الضعف الجنسي. فمن بين جميع طرق العلاج الممكنة، تتمتع دعامات القضيب بأعلى معدلات الرضا، حيث أظهرت الدراسات أن معدل رضا المرضى بعد عملية تركيب الدعامة الذكرية أكبر من 95٪.
ويوجد نوعان من دعامات القضيب:
- دعامة القضيب القابلة للنفخ (الدعامة الهيدروليكية).
- دعامة القضيب القابلة للثني (الدعامة المرنة للانتصاب).
يمكن أن يوفر كلا النوعين من الدعامات الذكرية حلاً موثوقًا ودائمًا للرجال المصابين بمرض السكري الذين لم يستجيبوا للعلاجات الأخرى مثل الأدوية أو الحقن القضيبي.
من المهم بالنسبة للرجال المصابين بمرض السكري الذين يفكرون في تركيب دعامات للعضو الذكري استشارة طبيب مسالك بولية وأمراض ذكورة من ذوي الخبرة في علاج ضعف الانتصاب و زراعة الدعامات الذكرية. سيقوم طبيبك بتقييم حالتك ومناقشة المخاطر والفوائد والمضاعفات المحتملة المرتبطة بهذا الإجراء.
في النهاية، يجب أن نعرف أنه هناك علاقة وثيقة بين مرض السكري والضعف الجنسي. يمكن أن يؤدي مرض السكري إلى تلف الأعصاب، وانخفاض تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية، والاضطرابات الهرمونية، وكلها يمكن أن تساهم في تطور ضعف الانتصاب أو الضعف الجنسي.
من الضروري بالنسبة للأفراد المصابين بداء السكري التحكم في مستويات السكر في الدم بشكل فعال، واعتماد نمط حياة صحي، والبحث عن العلاج الطبي المناسب لتقليل مخاطر وشدة الضعف الجنسي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد الفحوصات والتواصل المنتظم مع طبيب استشاري المسالك وأمراض الذكورة في الكشف والعلاج المبكر لضعف الانتصاب لدى مرضى السكري.